مرحباً بأصدقائنا الأوفياء، موعدنا لهذا اليوم سيكون مع قصة السلحفاة الذكية، وهي من أجمل حكايات الحيوانات للأطفال، وهي كما عودناكم على موقع فبلين قصة ممتعة وهادفة في نفس الوقت، حيث تمرر الكثير من الرسائل الإيجابية للطفل، وتحمل بين طياتها الكثير من الفوائد.
قصة السلحفاة الذكية والذئب
في غابة مورقة جميلة تعيش سلحفاة صغيرة تدعى "سلمى"، لم تكن سلمى سريعة مثل الحيوانات الأخرى بل كانت بطيئة للغاية، لكن السلحفاة الصغيرة تعوض بطئها بذكائها الفطري وفضولها الدائم، لقد كانت تحب استكشاف الغابة بكل ركن فيها، وتتوق لتعلم أشياء جديدة ومقابلة مختلف الحيوانات، رغم أن بعضهم كان يسخر من بطئها.
ذات يوم مشمس، وبينما كانت السلحفاة سلمى تتجول في الغابة، سمعت أصوات بكاء خافتة، اقتربت ببطئ شديد متبعة مصدر الأصوات حتى وصلت إلى حقل كبير، مشهدٌ حزينٌ أمامها، رأت مجموعة من الغزلان الصغيرة وهي محاصرة من قبل ذئبٍ شرسٍ وهو يحاول افتراسهم، وقد تجمّدت الغزلان في مكانها خوفاً من بطش الذئب الجائع.
إقرأ كذلك: قصة الأرنب والسلحفاة بالصور - قصص للأطفال
تقدمت السلحفاة بخطىً بطيئة ولكن ثابتة، وقالت للذئب بهدوء: "مهلا يا ذئب، لا يمكنك أكل هذه الغزلان الصغيرة، إنها غزلان ضعيفة للغاية، ولن تشبعك وجبتهم".
نظر إليها الذئب باستهزاء وقال: "وما شأن سلحفاة صغيرة مثلكِ؟ ابتعدي عن طريقي قبل أن أجعلك وجبتي بدلًا منهم!".
ردت سلمى بثقة: "أنا ذكية، وأستطيع أن أساعدك في إيجاد طعام أفضل من هذه الغزلان الصغيرة".
فكر الذئب للحظة، ثم سأل باستخفاف: "وما هي خطتكِ يا أيتها السلحفاة البطيئة؟".
قالت سلمى بابتسامة ذكية: "أقترح أن نتسابق، إذا فزتَ أنت يمكنك أكل الغزلان، أما إذا فزتُ أنا، فعليك تركهم وشأنهم".
وافق الذئب على الفور، فهو يرى نفسه سريعًا للغاية ولا يحتاج سوى بضع خطوات للفوز على سلحفاة ضئيلة، بدأ السباق، فانطلق الذئب مسرعًا تاركًا سلمى خلفه، ضحك الذئب بصخب ظنا منه أنه سيفوز بسهولة.
لكن سلمى لم تيأس، لم تكن لديها سرعة الذئب، لكنها تمتلك ذكاءً حادًا، خططت لخداع الذئب وأوهمت نفسها أيضًا بأنها تستطيع الفوز بالسباق، لذا وبينما كان الذئب يركض مسرعًا مبتعدًا عن خط البداية، بدأت السلحفاة الذكية تضع أوراق الشجر على طول الطريق الذي سيسلكه الذئب لاحقًا، وعلى كل ورقة وضعت قطعة من الفاكهة اللذيذة التي يحبها الذئب.
كان الذئب يركض مسرعًا وقد ركز كل انتباهه على الوصول إلى خط النهاية أولًا، لم ينتبه إلى أوراق الشجر المبعثرة على الأرض أمامه، لكن فجأة، رأى أمام عينيه قطعة من الفاكهة اللذيذة بارزة من تحت ورقة شجر، توقف الذئب للحظة يفكر في جائزة صغيرة مغرية أمامه، لم يستطع مقاومة إغراء الفاكهة، خاصة وأنه قد قطع مسافة كبيرة وأنهكه الجري السريع، تناولها سريعًا ثم واصل ركضه، لكن بعد أمتار قليلة، رأى قطعة أخرى من الفاكهة المفضلة لديه تحت ورقة أخرى على الطريق، توقف مرة أخرى وأكلها، وهكذا استمر في التوقف والأكل كلما رأى قطعة فاكهة، وهو فرح بإيجاد هذه "الوجبة الخفيفة" غير المتوقعة.
بينما كان الذئب مشغولًا بتناول وجباته الخفيفة المتكررة، استمرت السلحفاة سلمى في المشي ببطء ولكن بثبات، تخطو خطوة خطوة نحو خط النهاية، لم تتوقف أبدًا، ولم تشتكي من بطئها، بل واصلت مسيرتها بحكمة ودون يأس.
بعد فترة طويلة، وصلت سلمى إلى خط النهاية، كانت منهكةً لكنها فخورةً بنفسها، بعد دقائق قليلة وصل الذئب أخيرًا وهو يلهث من التعب الشديد، كان غاضبًا جدًا، فقد خدعته تلك السلحفاة البطيئة وخسر الرهان، لكن، عليه الوفاء بوعده، أطلق سراح الغزلان الصغيرة التي ركضت مسرعة نحو أمهاتهم تغمرهم فرحة كبيرة.
إقرأ كذلك: سمير الفيل ورحلة البحث عن الماء: قصة تعليمية لحث الأطفال على المحافظة على الماء والبيئة
نظر الذئب إلى سلمى نظرة غاضبة، وقال بغيظ: "لقد خدعتني أيتها السلحفاة الصغيرة! لكن سوف تدفعين الثمن يومًا ما!".
ردت سلمى بهدوء: "لا يوجد ما يدعو لدفع الثمن، لقد اتفقنا على الرهان وفزتُ أنا، الأفضل لك أن تتعلم من هذا الدرس، وألا تستهين أبدًا بالآخرين لمجرد اختلافاتهم".
غادر الذئب الغابة وهو يشعر بخيبة أمل وإحباط، بينما عادت الغزلان الصغيرة إلى أحضان أمهاتهم بسلام، انتشر خبر فوز سلمى في جميع أنحاء الغابة، وأصبحت بطلة يُحتفى بذكائها وحكمتها.
منذ ذلك اليوم، لم يعد أحد يسخر من سلمى بسبب بطئها، بل على العكس، أصبح الجميع يحترمها ويقدر ذكاءها الذي تفوقت به على قوة الذئب، تعلمت الحيوانات الأخرى من قصة السلحفاة سلمى درسًا قيمًا وهو أن النجاح لا يقاس بالسرعة والقوة وحدهما، بل إن الذكاء والحيلة والمثابرة أهم بكثير في تحقيق الأهداف.
سلمى، رغم أنها سلحفاة بطيئة، أصبحت مصدر إلهام للجميع، أثبتت أن الحكمة والتفكير السليم يمكنهما تحقيق ما لا تحققه القوة البدنية وحدها، فأصبحت رمزًا للذكاء والشجاعة، وعلّمت الجميع أن لا يستسلموا أبدًا أمام أي تحدٍ مهما بدا صعبًا أو مستحيلاً.
خبر فوز سلمى لم يقتصر على الغابة الصغيرة التي تعيش فيها، بل انتقل عبر الطيور المهاجرة إلى غابات أخرى بعيدة، وفي إحدى تلك الغابات، كان يعيش أسد شاب قوي يُدعى "ليو"، وكان ليو يحلم دائمًا بأن يكون أقوى وأشجع أسد في عالم الحيوانات، لذا كان يتمرن يوميًا على القفز والجري والمصارعة.
ذات يوم، وبينما كان ليو يتدرب، سمع قصة السلحفاة سلمى والذئب من طائر مهاجر قادم من غابة سلمى البعيدة، أُعجب ليو بذكاء سلمى وشجاعتها، وتعلم درسًا مهمًا آخر جعله يدرك أن القوة ليست كل شيء، وأن الذكاء والحكمة مهمان أيضًا لتحقيق النجاح.
منذ ذلك اليوم فصاعدًا، لم يركز ليو فقط على تنمية قوته البدنية، بل بدأ يهتم أيضًا بتنمية ذكائه وفكره، أصبح يراقب تحركات الحيوانات الأخرى ويدرس بيئته المحيطة به، محاولًا فهم طبيعة الأمور من حوله، كما أصبح يستمع باهتمام إلى نصائح الحيوانات الأكبر سنًا والأكثر خبرة، يتعلم منهم دروسًا قيمة في الحياة.
إقرأ أيضاً: قصة الأسد الخائف والفراشة الحكيمة مكتوبة| قصص أطفال عن الشجاعة ومواجهة الخوف
بفضل ذكائه وحكمته المتنامية، أصبح ليو مع الوقت أسدًا محترمًا ومحبوبًا في الغابة، لم يكن فقط قويًا جسديًا، بل أصبح أيضًا قائدًا حكيمًا يحل المشاكل بين الحيوانات المختلفة بذكائه ولباقته.
هكذا، ألهمت قصة سلمى السلحفاة الصغيرة باقي الحيوانات في غابات مختلفة، كلٌّ بطريقته الخاصة، علمت ليو الأسد أهمية الذكاء والحكمة، بينما علمت حيوانات أخرى دروسًا قيمة عن عدم الإستهانة بالآخرين، وعلمتهم المثابرة في تحقيق الأهداف بغض النظر عن نقاط ضعفهم، قصة سلمى الصغيرة أثبتت أن لكل كائن حي دور في الحياة، وأن كل فرد يمتلك قدرات خاصة يجب أن يفتخر بها ويستغلها بالطريقة الصحيحة.