مرحباً يا أصدقائي الأطفال، نظراً لطلبكم المتزايد على القصص الخيالية لِما لها من فوائد عديدة، من توسيع خيال الطفل من خلال الخروج من ضغوطات الواقع، تعلم مصطلحات لغوية جديدة، ترسيخ بعض القيم والأخلاق النبيلة... فقد رأينا أن نحكي لكم اليوم قصة عن البحر، فتابعوا معنا.
قصة خيالية عن نجمة البحر للأطفال
يُحكى أنه في أعماق البحر الأزرق الذي لا نهاية له، حيث تتمايل أشعة الشمس كقطع ذهبية على سطح المياه اللامعة، عاشت نجمة بحر صغيرة تُدعى نجيم، وكان موطن نجيم شاطئًا مرجانيًا خلابًا تزينه شقائق النعمان بألوانها البديعة، وتمرح فيه أسماك بألوان قوس قزح وسرطانات ذات قشور لامعة كالمرايا.
إقرأ أيضاً: قصة رحلة السماء المتلألئة | قصص خيالية قصيرة للأطفال
قصة رحلة نجمة البحر وطائر النورس
كانت نجيم تحب اللعب مع أصدقائها من الهامور الصغير ذي الخطوط الزرقاء، والفرخ الملون بألوانه الزاهية، وسرطان البحر النشيط الذي يحمل دائمًا قوقعة أكبر منه.
كانت أيام نجيم مليئة بالمرح واللعب، تتسابق مع أصدقائها بين الشعاب المرجانية، وتختبئ لهم بين شقائق النعمان، وتستمتع بالقصص الممتعة التي يرويها الحكيم شيخ السلطان، وهو سمكة عجوز تعيش في كهف عميق.
في بعض الأحيان بينما كانت نجيم تلعب مع أصدقائها، كانت ترفع عينيها نحو السطح حيث تشرق الشمس وتغيب، فتتساءل عما يخبئه العالم الذي يمتد فوق البحر الأزرق الواسع، كانت تحلم برؤية السفن الشامخة التي تبحر على سطح الماء، والمخلوقات المجنحة التي تحلق في السماء، والعوالم المجهولة التي تقع خلف الأفق البعيد.
ذات يوم مشمس، بينما كانت نجيم تتأرجح مع تيار الماء، شاهدت طائر نورس أبيض ضخمًا يحلق عاليا في السماء، كان منظر النورس مهيبًا بريشه الأبيض الناصع الذي يلمع تحت أشعة الشمس، وصدره الأحمر الفاتح الذي يشبه القلب النابض، تابعت نجيم النورس بعينيها وهو يطير برشاقة، وشعرت برغبة عارمة في التحليق معه ومشاهدة العالم من الأعلى.
فجأة، هوى النورس نحو البحر وغاص مباشرة أمام نجيم، في البداية شعرت بالخوف، ولكن سرعان ما تحول خوفها إلى فضول عندما شاهدت النورس يبتسم لها ابتسامة لطيفة وهو يخاطبها: "مرحبا يا نجمة البحر الصغيرة!" وأضاف النورس بصوت لطيف كالنسيم: "اسمي نور، وأنا أبحث عن مغامرة جديدة، هل ترغبين في الانضمام إلي في رحلة لاستكشاف البحر؟"
لم تصدق نجيم أذنيها في البداية، هل هذا النورس الضخم حقًا يعرض عليها الإنضمام إلى مغامرته؟ ثم قفز قلبها من الفرح وقالت وهي تكاد تطير من السعادة: "نعم! بالتأكيد أريد الإنضمام إليك!"
برفق شديد مد نور جناحه الكبير ووضع نجيم برفق فوقه، في لحظة، شعرت نجيم وكأنها تتحرك على سحابة ناعمة، وبدأت ترتفع ببطء عن قاع البحر، ألقَت نظرة وداع على أصدقائها الذين كانوا يلوحون لها من الأسفل، ثم أعدت نفسها للمغامرة التي تنتظرها.
حلق نور عالياً في السماء واصطحب نجيم في رحلة لا تُنسى، شاهدت نجيم العالم من منظور جديد تمامًا، كانت الشعاب المرجانية التي كانت تعرفها جيدًا تبدو الآن كحديقة زهور ملونة من الأعلى، شاهدت أسماك القرش الضخمة تتحرك ببطء تحتها، رأتها تشبه الغواصات العملاقة، كما شاهدت دلافين مرحة تقفز وتلعب وسط الأمواج، كانت تشبه الأسهم الفضية اللامعة.
استمرت رحلة نجيم مع نور لعدة أيام، زارا معًا غابات من الأعشاب البحرية الوارفة، حيث التقت نجيم بفرس البحر الأنيق ذي الذيل الطويل، والفقمة الحكيمة التي روت لهما قصصًا عن كائنات غريبة تعيش بين صخور البحر، زارا أيضًا كهفًا مرجانيًا قديمًا، حيث شاهدت نجيم لوحات جدارية رائعة تصور تاريخ البحر وسكانه.
في كل مكان زارته نجيم، قابلت مخلوقات بحرية جديدة ومثيرة للإهتمام، تعلمت من السلاحف البحرية الصابرة أهمية المثابرة، ومن الحيتان العملاقة قوة الصداقة، ومن قناديل البحر اللامعة عن سحر الإضاءة الذاتية، لم تكن الرحلة مليئة بالمناظر الخلابة والقصص الشيقة فحسب، بل كانت مليئة بالتحديات والفرص للتعلم أيضًا.
إقرأ كذلك: مغامرة بيبو الدبدوب في بلاد الأحلام| قصص قبل النوم للأطفال مكتوبة خيالية طويلة
في إحدى الليالي، بينما كان نور ونجيم يحلقان فوق سطح البحر الهادئ، واجها عاصفة مفاجئة، أمواج هائجة ارتفعت كالجبال، ورياح قوية عصفت بالهواء، تشبثت نجيم بخوف بجناح نور وقد شعرت بالدوار من الاضطراب، "لا تقلقي يا نجيم، سنعبر من هذه العاصفة معًا!" صرخ نور فوق صوت الرياح.
حاول نور بكل قوته التحليق بعيدًا عن العاصفة، لكن الرياح القوية ظلت تعصف بهم، وفجأة، ضربت موجة كبيرة جناح نور، مما جعله يفقد توازنه فسقط نور ونجيم معًا في الماء.
غرقت نجيم في أعماق البحر وهي تشعر بالخوف والوحدة، كانت بعيدة عن المنزل ولا تعرف ماذا تفعل، لكنها تذكرت كلمات الحكمة التي تعلمتها من شيخ السلطان: "في أحلك الأوقات، تذكر أن لديك دائمًا القدرة على التألق".
بذلت نجيم جهدها وهي تتحرك بأذرعها الصغيرة، توهجت بألوانها الزاهية محاولة جذب انتباه أي مخلوق بحري يمكنه مساعدتها، وبعد لحظات ظهرت أمامها مجموعة من الدلافين.
عندما رأت الدلافين نجيم الصغيرة المضيئة، فهمت على الفور أنها في مأزق، فتكاتفت الدلافين معًا وشكلت دائرة حول نجيم، مما ساعدها على الطفو على سطح الماء، "لا تقلقي يا صغيرة!" صرخ أحد الدلافين بصوت ودود، "نحن هنا لمساعدتك، إلى أين أنت متجهة؟"
أخبرت نجيم الدلافين عن مغامرتها مع طائر النورس نور، وكيف انتهى بهما المطاف في الماء بسبب العاصفة، استمعت الدلافين باهتمام ثم عرضت مساعدتها.
قادت الدلافين نجيم عبر البحر مستخدمين صدى أصواتهم للتنقل في الظلام الدامس، وبعد فترة طويلة من السباحة وصلوا إلى كهف مرجاني مضاء بشكل غامض.
بمجرد دخول الكهف، شاهدت نجيم نورًا جالسًا على صخرة وقد بدا عليه الإرهاق والحزن، عندما رأى نجيم، قفز من الفرح وأسرع نحوها، "نجيم! ظننت أنني فقدتك إلى الأبد!" صرخ نور وهو يعانقها برفق.
روى نور لنجيم قصته وكيف تمكن من النجاة من العاصفة، وكيف ظل يبحث عنها طوال الليل، واعتذر لها عن عدم حمايتها، وشعر بامتنان كبير للدلافين لإنقاذها.
في صباح اليوم التالي، ودعت نجيم أصدقاءها الجدد الدلافين، واستعدت لمواصلة رحلتها مع نور بعد أن كانت العاصفة قد تركت وراءها آثارها، لكنها لم تمنع عزيمة نجيم الشجاعة.
استمرت مغامرة نجيم مع نور لعدة أيام أخرى، اكتشفت خلالها المزيد من العجائب والجمال عن أسرار البحر، وفي نهاية المطاف، حان الوقت لنجيم للعودة إلى موطنها المرجاني.
وصلت نجيم إلى شاطئها المرجاني المألوف، حيث استقبلها أصدقاؤها بفرح وترحاب، روت لهم قصصًا رائعة عن مغامراتها مع نور، وما تعلمته في رحلتها، وعلى الرغم من حنينها إلى صديقها النورس، كانت نجيم سعيدة بالعودة إلى المنزل.
إقرأ كذلك: قصص قصيرة للأطفال: مغامرات علي الصغير | رحلة البحث عن الكنز
عادت نجيم إلى بيئتها المعتادة وانسجمت في اللعب مع أصدقائها والإستمتاع بقصص شيخ السلطان، لكنها لم تنسى أبدًا مغامرتها المذهلة مع نور.
أدركت نجيم أن العالم مليء بالفرص المذهلة، وأن الشجاعة والفضول يفتحان أبواب لا حصر لها للمغامرة والإكتشاف، ومنذ ذلك اليوم، تابعت نجيم النظر إلى السماء بابتسامة، وهي تعلم أنها ستظل دائمًا نجمة البحر الصغيرة التي تحلم بالإستكشاف والوصول إلى ما هو أبعد مما تراه عيناها.