يوجد في القرآن العظيم قصة تختلف عن كل القصص، قصة ذكرها الله تعالى في كتابه ورواها نبينا عليه السلام وفصلها لنا لشدة عظمتها وهي من أجمل ما ستقرأه على الإطلاق، هذه القصة هي قصة أصحاب الأخدود، ولابد أنكم سمعتم عن اسم القصة وعن بعض الأشياء عنها.
في هذا الموضوع سنروي لكم هذه القصة العظيمة المؤثرة بتفاصيلها المذهلة كما لم تعرفها من قبل، فتابعوا معي يا أحبابي الصغار متابعين موقع فبلين المتخصص في قصص الأطفال المميزة.
اقرأ معنا: قصة فيل ابرهة للاطفال من قصص الحيوان في القرآن
قصة اصحاب الاخدود للاطفال
كان هنالك ملك ظالم ادعى الربوبية وأجبر الناس على عبادته هو دون عبادة الله عز وجل، وكان عنده ساحر ماكر يعتمد عليه في كثير من الأمور ويستغل هذا الساحر سحره الشرير في خدمة الملك الظالم، وعندما كبر الساحر في السن ذهب للملك وطلب منه أن يحضر إليه غلام ذكي ليعلمه السحر حتى يخدم الملك بعد موت ساحره.
حينها أمر الملك أحد الوزراء المخلصين أن يبحث له عن غلام ذكي ونبيه ويحضره للساحر كما يريد، فذهب ذلك الوزير إلى المدينة وسأل عن أذكى غلام فيها حتى وصل إلى صبي معروف بفطنته وسرعة بديهته.
ذهب الوزير إلى أهل الغلام وطلب منهم أن يرسلوا ابنهم معه لأن الملك يريده، ومنذ تلك اللحظة أصبح الصبي يذهب كل يوم إلى بيت الساحر ليعلمه السحر، وفي يوم من الأيام التقى الغلام براهب صالح وهو في طريقه لبيت الساحر.
كان الراهب مؤمنًا موحدًا بالله وحده سبحانه وتعالى وقد رآه الصبي وهو يتحدث إلى مجموعة أخرى من الغلمان الصغار عن الله والإيمان به، وسمع الغلام ما يقوله لهم فذهب إليه وجلس عنده يستمع إلى كلامه فأعجبه ما كان يقول وأصبح كل يوم يمر من مكان تواجد الراهب ويستمع لكلامه قبل ذهابه للساحر.
عندها بدأ الغلام يتأخر عن الذهاب للساحر وعندما يصل إليه متأخرًا عن موعده كان يضربه ويعاقبه على تأخيره، وعندما اشتكى الغلام للراهب أخبره أن يقول للساحر أن سبب تأخيره هو أهله حتى لا يعرف أنه يلتقي بالراهب الصالح الذي يؤمن بالله لا بالملك.
وفي يوم من الأيام وأثناء ذهاب الغلام للراهب وجد الناس مجتمعين وأمامهم حيوان ضخم شرس والجميع يخاف المرور بسببه، ففكر الغلام وقال لنفسه: "اليوم هي فرصتي لأعرف هل الساحر على حق؟ أم الراهب على حق!؟".
ثم أخذ الغلام حجرًا كبيرًا من الأرض وقال: "اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يتمكن الناس من المرور" ثم رمى الحجر على الحيوان الشرس فقتله وتمكن الناس من المضي في طريقهم.
بعد ذلك ذهب الغلام إلى الراهب وأخبره بما حدث معه، فقال له الراهب أنه اليوم أصبح أفضل مكانة عند الله من الراهب نفسه، وطلب منه ألا يخبر أحد عن مكانه حتى لا يقتله الملك لأنه يدعو إلى عبادة الله.
اقرأ كذلك: قصة يونس والحوت | قصص دينية للاطفال
وكان الله قد أنعم على الغلام بأن جعله قادرًا على شفاء الناس من الأمراض التي لا يتمكن الأطباء من علاجها مثل الصم والبكم والعمى وغيرها من الأمراض، وفي تلك الفترة أصيب أحد وزراء الملك بالعمى وسمع عن الغلام الذي يستطيع إعادة البصر فأرسل إليه الكثير من الهدايا وطلب منه أن يشفيه.
حينها وجد الغلام الفرصة ليدعو الوزير لعبادة الله وحده، فقال له أنه لا يشفي أحد ولكن الله هو وحده القادر على رد بصره إليه إذا آمن به ودعاه فسيشفيه، وبالفعل آمن الوزير ودعا الله فرد إليه بصره.
فرح الوزير بشدة وأيقن بوجود الله وتعمق إيمانه به في قلبه، وبعدها ذهب إلى قصر الملك حيث يعمل وجلس بجواره كما هو معتاد، وعندما لاحظ الملك أن الوزير لم يعد أعمى سأله "مَن الذي أعاد إليك بصرك؟!".
فقال الوزير: "ربي هو من أعاد إلي بصري".
قال الملك باستنكار: "وهل لك رب غيري؟!".
فأجابه الوزير: "ربي وربك الله".
فأمر الملك بحبس الوزير وتعذيبه حتى دلهم على الغلام، فذهبوا إليه أحضروه إلى الملك الذي قال له: "لقد سمعت أنه قد بلغ من سحرك أنك قادر على شفاء الأعمى"، فكان رد الغلام كما قال للوزير حيث أخبر الملك أنه لا يشفي أحدًا وأن الله تعالى هو من يشفي المرضى.
فأمر الملك بحبس وتعذيب الغلام حتى يعترف على من أخبره بهذا الكلام، ولم يتحمل الصبي العذاب فأخبرهم عن الراهب وأرسل الملك الجنود إليه فأحضروه وأمره أن يرجع عن عبادة الله ويعبد الملك فقط.
رفض الراهب أن يشرك بالله وأصر على موقفه، فما كان من الملك إلا أن أمر بوضع المنشار على رأس الراهب وأمره مرة ثانية أن يرجع عن دينه فرفض، فأمر الجنود بشقه إلى نصفين ومات الراهب.
وبعدها جاءوا بالوزير وأمروه أن يرجع عن دينه هو أيضًا ولكنه رفض كما رفض الراهب، فقاموا بشقه بالمنشار إلى نصفين ووقع على الأرض ميتًا، ثم جاء الدور على الغلام فأحضروه وأمروه أن يرجع عن دينه.
فرفض الصبي أن يرجع عن عبادة الله الواحد الأحد فأمر الملك جنوده أن يأخذوا الغلام إلى قمة جبل عالية ويخيروه بين الموت أو الرجوع عن عبادة الله، ويرموه من أعلى نقطة إذا رفض الرجوع عن دينه، وبالفعل ذهب الجنود إلى قمة الجبل كما أمرهم الملك.
عندما وقف الغلام ومعه الجنود على الجبل، قال "اللهم أكفني شرهم كيف شئت" فاهتز الجبل بشدة وسقط الجنود من أعلاه وبقي الغلام وعاد إلى قريته فأمسكه بعض جنود الملك وأخذوه إليه.
تفاجئ الملك به وسأله عما حدث للجنود الذين ذهبوا به إلى قمة الجبل، فقال الغلام أن الله قد كفاه شرهم، فغضب الملك وأمر مجموعة من الجنود أن يأخذوا الغلام في مركب ويلقوه في البحر إذا رفض الرجوع عن دينه، وعندما ذهب الجنود بالغلام في القارب دعا الله أن يكفيه شرهم فانقلب المركب وغرقوا جميعًا وعاد الغلام إلى الملك.
سأله الملك عن الجنود فقال الغلام أن الله قد كفاه شرهم، ثم أخبر الملك أنه لن يستطيع أن يقتله إلا إذا فعل ما سوف يخبره به، فتعجب الملك وسأله: "وما هو الذي يجب علي فعله حتى أتمكن من قتلك؟".
فقال الغلام: "عليك أن تجمع الناس جميعًا في مكان واحد وتصلبني على جذع شجرة، ثم خذ سهمًا من سهامي وضعه في القوس وقل بسم الله رب الغلام وبعدها أرمني بالسهم فسيقتلني".
فجمع الملك الناس وأمسك بالسهم في القوس ورمى الغلام به فلم يقتله، كرر الملك التصويب على الغلام بسهم آخر ولم يقتله أيضًا، عندها يأس الملك وقرر أن يقول كما أخبره الغلام فأمسك بسهم ووضعه في القوس وقال "بسم الله رب الغلام" ثم رمى السهم فأصاب الغلام وقتله بالفعل.
وفجأة هتف الناس بصوت واحد وقالوا "آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام"، فقال أتباع الملك له: "لقد حدث ما كنت تخشاه وترك الناس عبادتك ولن يطيعوا أوامرك بعد اليوم".
فكر الملك ثم أمر بحفر أخدود عظيم وإشعال النار فيه وأن يجمعوا الناس أمام ذلك الأخدود ويخيروهم بين الرجوع عن دينهم أو الموت حرقًا في هذه النار، وفعل الجنود كما أمر الملك وكانوا يلقون كل من يرفض الرجوع عن دينه في النار ويحترق.
حتى جاء دور امرأة تحمل طفلها الرضيع بين أحضانها، ومن خوفها على طفلها تراجعت للوراء فأنطق الله سبحانه وتعالى الرضيع وقال لأمه: "يا أماه اصبري فإنك على الحق" فثبتت ورموها هي وطفلها في النار.
ولكن يا ولدي عقاب الله شديد ولا يترك ظالمًا بدون حساب، وقد ذكر لنا أن هؤلاء لهم العذاب الشديد في الآخرة، بجانب أن بعض علماء الدين فسروا أن الله أخرج النار من الأخدود وأحرقت الملك وجنوده أيضًا.
إقرأ أيضاً: قصة أصحاب الكهف للأطفال بأسلوب شيق وجميل
الدروس المستفادة من قصة اصحاب الاخدود للاطفال
والآن يا صغيري بعد أن تعرفنا على قصة اصحاب الاخدود للاطفال بالتفصيل وما حدث مع المؤمنين، تعالوا بنا لنتعرف على الدروس المستفادة من هذه القصة الحقيقية التي حكاها الله لنا في القرآن الكريم:
- الثبات على الحق: تظهر قوة وثبات أصحاب الأخدود في الإيمان بالله ورفضهم التخلي عن دينهم حتى في وجه التهديدات والعذاب.
- الإيمان بالله وحده: تبرز قصة الراهب والغلام والوزير ثقتهم الكاملة بالله ورفضهم للشرك والانحياز الحازم للتوحيد.
- الثقة في الله والدعاء إليه: تظهر لنا الأحداث أهمية الصبر والثقة الكاملة في الله في مواجهة البلاء والاضطهاد، وكذلك قوة الدعاء والتوكل عليه في الأوقات الصعبة.
- العبرة من العقاب: تعتبر قصة أصحاب الأخدود تذكيرًا بأن الله لا يترك الظالمين دون عقاب، وأن العدالة ستتحقق في الدنيا أو في الآخرة.
- قوة الإيمان والشهادة: تُعبر تضحيات أصحاب الأخدود واستعدادهم للموت بدلاً من التخلي عن دينهم عن قوة إيمانهم وإخلاصهم لله.